زعموا أن نجاراً ماهراً فقيراً .. كانت سعادته الوحيدة هي زوجته الجميلة ومن سوء حظه أن الملك صدف أن لمحها مرة ، فإذا به يعجب لجمالها ، ويقع في غرامها ، ويرغب في الزواج منها ، لكن كيف يتم له هذا الأمر وهي على ذمة رجل آخر ؟ فأخذ الملك يفكر بوسيلة يحقق بها مراده دون أن يفتضح أمره بين الناس وتقال عنه الأقاويل والاشاعات ، وما لبث حتى اهتدى إلى حيلة وهي :أن يكلف زوجها النجار بمهمة شاقة فإن لم ينفذها سيأمر بدق عنقه ، وهكذا سيتاح له الزواج من زوجته الجميلة.
أرسل الملك وزيره إلى بيت النجار ليبلغه المهمة التي كلفه بها ، ولما وصل الوزير إلى منزل النجار أخبره قائلاً :
ـ إن الملك كلّفك بملء خمسة أكياس من نشارة الخشب خلال هذه الليلة , وفي الصباح إن لم يكن أمره هذا منفذاً سيأمر بقطع رأسك ، ثم انصرف الوزير .
مكث النجار كئيباًحزيناً حائراً .. عرف أنه لا يمكن له تنفيذ أمر الملك بأي شكل من الأشكال , لأنه أمر محال ، لذلك ترقب انتهاء أجله قلقاً ، وحين لاحظته زوجته كئيباً محتاراً واجماً بادرته قائلة :
ـ ما بك يا عزيزي ؟ ولم أنت قلق لا تقدر أن تنام ؟ .
ـ آه ـ يا عزيزتي كيف لا أقلق وأحزن؟وأنا لا أقدر على تنفيذ قرار الملك ؟..
فأنىّ لي أن أملأ خمسة أكياس من نشارة الخشب خلال ليلة واحدة ؟.
كيف لا أقلق وأحتار وغداًسيقطع الملك رأسي ؟.
ـ نم يا عزيزي مطمئناً، ولا تغتمّ، فالصباح رباح، فاللّه موجود ولن ينسانا ، ولكل مشكلة ألف حل .
نام النجار وزوجته ، ومع بزوغ الفجر وصياح الديك استيقظ النجار على صوت أحدهم كان يدق باب بيته ويصيح :
ـ افتح الباب أيها النجار افتح ....
خيّل إلى النجار أن صاحب ذلك الصوت هو رسول الملك جاء ليأخذه إليه ، فنهض من فراشه ، وتجه صوب الباب وهو يرتجف خوفاً، وحين فتحه رأى رجلاً يقول له :
ـ هيا أسرع أيها النجار واصنع تابوتاً لقد مات الملك .
سمعت زوجته نبأ وفاة الملك وقالت لزوجها فرحة :
ـ ألم أقل لك يا زوجي العزيز صبراً فالصباح رباح . ولنا رب لن يتخلى عنا ، وما بعد الضيق إلا الفرج ؟.