فريد الاطرش.. مساحات واسعة وألحان محافظة
بقلم/ محمد سعيد تمر السنوات، ويظل لاسم الفنان فريد الأطرش البريق نفسه الذي صه في رحلته مع الشهرة و النجاح، منذ استمع الناس إلي صوته لأول مرة في عام 1934 ، وحتى رحيله في 26 كانون الأول "ديسمبر" من عام 1974 . يظل لاسم فريد الأطرش بعد سنوات من غيابه عن الحياة ما ظل يتمتع به خلال أربعين عاماً، من وضوح الموقع علي خريطة الغناء العربي. فالموسيقار المطرب الراحل تفرد بشخصية فنية مختلفة عن شخصيات من عاصروه ، وكان لهذه الشخصية مع عناصر الموهبة والمثابرة وحفاوة استقبال الناس لفنه مقدمات النجاح والبقاء في المسيرة الفنية لعالم فريد الأطرش في حقل الموسيقي والغناء وعبر أكثر من وسيلة، أوضحها السينما الغنائية. فصوت فريد الأطرش تميز بالمساحات الواسعة والمتعددة النغمات، وكان القرار في صوته بمثل الجواب في درجة الوضوح وفي القدرة علي الإتقان.. وصوته الصحيح، والذي يعد من أبرز عناصر موهبته عاونه علي تحقيق الاستمرارية الفنية وعلي الصعود الذي تمكن منه، فقد كان صوته سليماً، ونقيا وقويا في صحة، وهي مؤهلات كافية لتحقيق التفوق، ناهيك عن النجاح المقدر. واهتم فريد الأطرش في غنائه بالألوان التي تلقي تجاوب الناس عند التقديم للجمهور مباشرة، وكان أن اهتم منذ بداياته وحتى نهاياته بالموال و الإيقاع الراقص في معظم ما قدم من ألحان، في أغنيات تتميز بالإيقاع الشعبي واللحن الشرقي، بجانب الميل إلي بساطة التعبير ... ولفريد الأطرش في مجالات الغناء الشعبي ما يصل إلي ما له في مجالات الغناء العاطفي من نجاح وذيوع وانتشار. وهناك من الأمثلة ما يصعب حصرها، غير أننا نذكر رقم ما لديه من أغنيات مسجلة في الإذاعة وحيث ترصد سجلات إذاعية جمهورية مصر العربية عدد خمسمائة أغنية بصوت ولحن المطرب القدير الراحل. تضاريس النبوغ و النجاح
|
|
فريد مع شقيقته اسمهان |
|
ولد فريد الأطرش في عام 1915 لأسرة تعيش في جبل العرب من منطقة السويداء الممتدة في الجوار السوري، اللبناني، وتعلم عزف العود علي يد والدته - التي قال لنا في تسجيل قديم لبرنامج " ثلاثة أيام في القاهرة " في إذاعة البرنامج العام - إنه يعتبرها أستاذه الأول . وانتقل فريد الأطرش بعد ذلك إلي العاصمة المصرية مع أسرته وهو في سن العاشرة وكان في عام 1925. وعندما اشتد عوده صا شقيقته المطربة أمال فهد التي عرفت بعد ذلك باسم "أسمهان" بالعزف علي العود، وحتى جاءته فرصة احتراف الغناء وهو دون الثامنة عشرة من العمر في ملهي بديعة مصابني، منافسا للمطرب إبراهيم حمودة ومقلدا للمطرب الراحل عبد اللطيف البنا ومبهورا بال من الأعمال التي يبدأ بها محاولاته في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات. كان هذا ال الذي أنبهر به في الأعمال في محاولاته اللحنية الأولي في أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات، عندما قدم ألحان "يازهرة في خيالي", " أنا واللي به ", "وياك .. وياك" بجانب ألحانه لأسمهان ومن بينها لحن أغنية "ليالي الأنس في فيبنا". مهارات اكتساب الخبرات وفي بدايته، عاني المطرب فريد الأطرش من عادة النطق الخاطئ لبعض الحروف عند الغناء، لكن لقوة إرادته و الإصرار والعناد والحرص علي التغلب علي هذه العيوب، مكنته من تجاوزها وعرف بعد ذلك أساليب الغناء والنطق السليم من دون عيوب . ولقد عرفت من المرحوم الصحفي حسين عثمان، وكان من أكثر المقربين من الفنان الراحل، أن فريد الأطرش كان يمتلك إرادة من حديد وكان يخطط للوصول إلي ما يهدف له دون كلل أو سأم، وأنه وبفضل هذه الخاصية الشخصية، تجاوز أغلب العقبات والمنغصات التي واجهته في حياته. مع بداياته في العمل الفني تعرف فريد الأطرش علي المغني القديم محمد العربي الذي اشتهر بغناء الليالي والمواويل، كما تعرف أيضا علي الموسيقار الشهير داود حسني وهو الذي قدمه لبديعة مصابني لتضمه إلي برنامج الملهي المسمي " كازينو بديعة ". وفي تلك السنوات تعرف فريد الأطرش علي الموسيقار مدحت عاصم الذي كان مراقبا للموسيقي والغناء في الإذاعة المصرية عقب تمصير إدارتها. وقد قدم مدحت عاصم فريد الأطرش في أركان الغناء بالإذاعة كما لحن له أغنية "ميمي" وهي واحدة من أغنيات فريد الأطرش الأولي وهي غير اللحن الذي وضعه لشقيقته وكان بعنوان "دخلت مرة جنينة" .... كما لحن له يحيي اللبابيدي "باريتني" .... وفي هذه الفترة أقبل فريد الأطرش علي سماع غنائيات معاصريه في تلك السنوات، وكان يتصدرها اسم صالح عبد الحي ومحمد عبد الوهاب وعبد اللطيف البنا وسيد فوزي ومحمد صادق وأحمد عبد القادر والمطرب الذي يزامله في العمل عند بديعه مصابني، المطرب إبراهيم حمودة الذي حقق أكبر نجاحاته عندما شارك زعيمة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم بطولة أحد أفلامها الغنائية في سينما الأربعينيات. ومن يستمع بتأمل لغناء فريد الأطرش يشعر أن هذا التميز في الأداء لم يقترب من أداء أي ممن عاصروه باستثناء المطرب القديم عبد اللطيف البنا الذي استوعب فريد الأطرش طريقته في الأداء وتأثر بها . وقد أتيح لنا أن نستمع ألي بعض أغنيات المطرب القديم المحفوظة في مكتبة الموسيقي التابعة لوزارة الثقافة حيث لاحظنا مدي تأثر آداء فريد الأطرش بطريقة عبد اللطيف البنا، إذ كانت هذه الطريقة. كما علمت من الكثير من أصدقاء فريد الأطرش ممن عرفوه في سنوات البداية -هي الطريقة التي أها فريد الأطرش وسايرها بعد ذلك في غنائه. وحيد السينما الغنائية
|
|
فريد مع شادية |
|
تظل السينما بعد مرحلة المسرح الغنائي في القرن العشرين . ولقد لعبت السينما الغنائية أحد أدوار النجاح في إنتعاش الحركة الغنائية ومدها بأجمل الألحان وأشهر الأغنيات، عبر تقديم عشرات الأصوات القادرة والسليمة. ولقد عاصر فريد الأطرش في السينما ثلاثة أجيال من نجوم السينما الغنائية . حيث ظهرت أعماله الأولي مع مرحلة عبد الوهاب وأم كلثوم ثم نافست أعماله الغنائية المرحلة التالية لهما والتي يمثلها ليلي مراد ومحمد فوزي ثم امتد عطاؤه حتى المرحلة التالية والتي كان أبرز رموزها في السينما الغنائية شادية وعبد الحليم حافظ. لقد عرف فريد الأطرش طريقه إلي السينما مع أول أفلامه التي شارك فيه شقيقته المطربة أسمهان بطولة فيلمها " انتصار الشباب " عام 1941. وقدم فريد الأطرش بعدها نحو ثلاثين فيلما خلال ثلاثين عاما في الفترة من عام 1944 وحتى عام 1974 وكانت أفلامه هي الأرض الخصبة التي نبتت فيها الألوان الغنائية المزدهرة من أغنياته اليانعة والوارفة والمتجددة . وكانت أفلامه بعد " انتصار الشباب " مع أسمهان هي " أحلام الشباب " مع تحية كاريوكا عام 1944. " جمال ودلال " مع ليلي فوزي عام 1945 و" شهر عسل " مع مديحه يسري في العام نفسه . " مقدرش " مع تحية كاريوكا عام 1948. " عفريتة هانم " مع سامية جمال التي لعبت أيضا بطوله فيلمه " أك أنت " في عام 1949. ومع كاميليا قدم فيلم " آخر كدبه " عام 1949. ومع سامية جمال قدم فيلم " تعالي سلم" عام 1951ومع نور الهدي " متقولش لحد " عام 1952. وقدم " لحن الخلود " مع فاتن حمامة عام 1952، وفيلم " عايز اتجوز " مع ليلي الجزائرية عام 1953 وفيلم " لحن ي " مع صباح في العام نفسه، ومثل " رسالة غرام " مع مريم فخر الدين عام 1954، و"قصة ي" مع إيمان عام 1955، و" إزاي أنساك " مع صباح عام 1956، وفي العام نفسه قدم "عهد الهوى" مع مريم فخر الدين. وفي نهاية عام 1956 لعب بطولة فيلم " ودعت ك " أمام شادية التي شاركته أيضا بطولة فيلم " أنت يبي" عام 1957 والفيلمان من إخراج يوسف شاهين.
|
|
فريد الاطرش مع تحية كاريكا |
|
وفي عام 1958 قدم " ماليش غيرك " مع مريم فخر الدين، وفي عام 1959 قدم فيلم " من أجل ي " مع ماجدة، وقدم فيلم " شاطئ ال " مع سميرة أحمد عام 1961، وفي عام 1963 قدم فيلم " رسالة من امرأة مجهولة " مع لبني عبد العزيز، وفي عام 1956 قام ببطولة فيلم " حكاية العمر كله " أمام فاتن حمامة، وفي عام 1966 " الخروج من الجنة " مع هند رستم وفي عام 1969 شارك يوسف وهبي وفاتن حمامة بطولة فيلم " ال الكبير " وشارك زبيدة ثروت بطولة فيلم " زمان يا " في عام 1973 وحتى آخر أفلامه " نغم في حياتي " أمام ميرفت أمين في عام 1974. وقد أخرج هذه الأفلام عدد محدود من نجوم الإخراج السينمائي كان من بينهم من له دراية وخبرة كبيرة بإخراج الأفلام الغنائية مثل المخرج أحمد بدرخان الذي أخرج 12فيلما من بين هذه الأفلام، والمخرج هنري بركان الذي أخرج 9أفلام، بينما أخرج يوسف شاهين فيلمين . وكل من عاطف سالم وفطين عبد الوهاب وحلمي حليم وكمال الشيخ فيلما واحدا. ولإحساس فريد الأطرش بتفرده وتميز شخصيته، فقد حرص في كل هذه الأعمال علي أن يتسمي باسم "وحيد" وأن يغني الأغنيات التي لا تناسب غيره. وكانت أغلب ألحانه في هذه الأفلام من الألوان التي عرفت علي أنها قالب الطقطوقة، حيث اللحن الأساسي في المذهب "الجزء الرئيس والمرجع" والألحان الفرعية في الكوبليهات "الأغصان". كان فريد الأطرش في تلك الألحان يميل إلي المقامات ذات الطبيعة العاطفية الرقيقة المصحوبة بالشجن، الملئ بالحزن والذي يعزف علي الأوجاع حتى وإن ظهر الإيقاع راقصا. وكان في ألحانه يبحر من مقام إلي آخر للحن القريب من معنوياته، وأوضحها ميلا للإيقاع الراقص الذي يفضل تنويعاته في ألحانه وهو يغوص في بحار المقامات المختلفة، من راست إلي بياتي إلي صبا إلي نهاوند إلي كرد وإلي عجم، مختارا المقام الذي يميل إليه ويعبر عن حالته الوجدانية وصديق توجهاته اللحنية والغنائية. العطاء السخي والوفير
|
|
فريد الاطرش مع عبد الحليم |
|
وبسبب اهتمامه بنوعيات ميلودرامية صريحة فيما تناولته أفلامه، جاء تركيز فريد الأطرش في كلمات أغنياته علي اللون الرمادي الذي يميل إلي الحزن ويستعذب الألم. وفي اختياراته لكلمات أغنياته وأغلبها جاء ظهوره في السينما الغنائية، ثم تقديمها بعد ذلك في حفلاته التي كان للراديو بداية والتليفزيون فيما بعد، الدور الواضح في نقل مفرداتها إلي الناس، من خلال حفلات ارتبطت بالأعياد، خاصة بيوم الربيع . وفيه كان يحلو له ترديد لحنه الشجي وأدائه البديع لأغنية الربيع التي كتب كلماتها الشاعر مأمون الشناوي. تميز اختيار الكلمات عنده بالتنوع ولكنه تفضيله كان يدور حول المعاني القدرية مثل القسمة والنصيب وكلمات الرضا بالعذاب والميل إلي استعطاف اليب والاهتمام بما يصدر عن الطرف الثالث والذي كان يعني به "العزول" !!. إن أغنياته الناجحة تمزج في ألحانها ومفردات كلماتها وأساليب أدائها هذا القدر الكبير من الشجن الحزين المصحوب بقدر صريح من الإيقاع الراقص الذي يخفف من حدة الحزن، ومن قتامه المواجع . وهو حال أغلب أغنياته التي نتذكر منها أغنيات مثل " يا ويلي من ه " - " وحياة عنيكي" - " خليها علي الله " " أابنا يا عين " - " ليه أنا بك " - " يا قلبي يا مجروح " - " قسمة مكتوبة " - " نجوم الليل" - " زمان يا " - " إيه فايدة قلبي " - "حكاية غرامي " - " وحداني " - " ودعت ك " - " كلمة تجبني وكلمة توديني " - " يا ايبي يا غاليين " و" ارحمني وطمني ".. وهناك أمثلة أخري يتضح فيها عبور حالة الحزن و الشجن إلي حالة وجدانية أخري مصحوبة ببعض الأمل، وعلي نحو نلحظه في أغنيات مثل " أتقل..أتقل" - " نورا نورا " - " وياك وياك " - " لاكتب علي ورق الشجر" - " غني يا قلبي " " جميل جمال " - " هو بس هو " - " هلت ليالي " - " يامقبل يوم وليلة " _ " انا وأنت لوحدنا " - " تعالي سلم " - " علي بالي " - " اشتقت لك " - " يا قلبي كفاية دق " - " ينا " - " ما قالي وقلت له ". ورغم ازدياد نسبة هذا الكم الكبير من أغنيات اللهفة والشوق والقلق علي أغلب معاني أغنيات فريد الأطرش، إلا أن الكم الوفير الذي قدمه خلال مسيرته الفنية التي اتسمت بالخصوبة، جعله يحقق تنوع واضح وصريح لا يمكن للقلم المحايد أن يعبره دون وقفة ملائمة ومن هذا الإنتاج علي سبيل المثال الأعمال الاستعراضية في السينما ومن أشهرها استعراض " بساط الريح " الذي غناه بصة المطربة عصمت عبد العليم و أيضاً أغنياته الاستعراضية في السينما ومن أشهرها أغنيات " الربيع " - " وأول همسة " - " تعالي سلم "، إلي جانب اهتمامه بتلحين القصائد المكتوبة باللغة العربية الفصحي مثل قصائد " عش أنت " - " أضنيتني بالهجر " - " يوم بلا غد "- " لا وعنيك " وفيها عرف فريد الأطرش كيف يبني تفكيرا موسيقيا مركبا يساير به البناء الموسيقي المتقدم، وليحقق من خلال ذلك التفوق علي محاولته في الغناء الشعبي البسيط والسهل. ومع انشغاله بألحان أغنياته التي قدمها بصوته، وضع فريد الأطرش ألحاناً أخري ناجحة لغيره من نجوم الغناء ممن شاركوه العمل السينمائي، ومن ألحانه الشهيرة لغيره الدويتو الذي غناه مع شادية وعنوانه " ياسلام علي ي وك " والدويتو الآخر " زينة .. زينة " كما غنت شادية من ألحانه أيضاً أغنيات " اللي بيعشق " - " أ سمه الهوى ".
|
|
فريد مع صباح |
|
أما صباح فغنت من ألحانه في الحفلات " يادلع .. دلع " وفي السينما "زنوبة" وهي الأغنية التي طلب فريد أن تسجلها المطربة نجاح سلام بصوتها للإذاعة . ومن أغنياته التي قدمتها نور الهدي في السينما أغنية " مالكش حق " كما غنت الجزائرية من ألحانه " روحي وروحك " ، وقدمت فايزة أحمد من الحانه في السينما "يا حلاوتك يا جمالك" ومن خلال الإذاعة " لست في الميدان وحدك " وقدم فهد بلان من ألحانه " مقدرش علي كده " وسعاد محمد " بقي عايز تنساني " وشهرزاد " إديني ميعاد " ومحرم فؤاد " يا وحشني "، بينما ظل أجمل ما لحن في السينما ما غنته أسمهان من أغنيات مثل " يا بدع الورد " - " أهوي " - " ليالي الأنس في فيينا "، ويظل أجمل ما لحنه من أغنيات في الحفلات ما قدمته المطربة الراحلة نازك في أغنيتها " متقولش كنا وكان .. ياريت دا كله ما كان ". الغناء للحلم العربي ومثلما كانت السينما هي وسيلته الرئيسية للتعبير بالصوت والة عن عالمه الغنائي واهتماماته الاستعراضية ووجهات نظره المختلفة في ألوان الغناء وأساليبه، كان للسينما أيضاً فضل تجسيد أحلامه العربية القومية ، حيث حرص في معظم أعماله السينمائية علي الغناء للحلم العربي والوطن الذي يرفض الحدود والحواجز وعبر عن هذا المعني أروع تعبير في استعراض " بساط الريح " الذي غناه مع عصمت عبد العليم ، كما عبر عنه في نشيد "احنا لها نحمي العروبة وأهلها " الذي غناه مع شادية في فيلم "ودعت ك " . كان فريد الاطرش في غنائه يجسد الحلم العربي بالوحدة والأتفاق والتكامل ويعبر عن هذا في اختياراته الغنائية وعلي نحو تردد في الأغنيات التي قدمها عبر الراديو ومن خلال التلفزيون وحرص أيضاً علي تصويرها في أعماله السينمائية . تشعر بهذا التعبير عن الحلم القومي العربي في أغنيته التي سماها "المارد العربي " وتشعر بها في أغنيته التي عبر بها عن رفض الهزيمة وترقب النصر "انتباه " وفي غنائه العاطفي للوطن في أغنيات شعبية مفرحة مثل أغنية "سنة وسنتين " ومثل أغنية "يا أسطي سيد ". وبسبب تعبيره القومي وإحساسه الوطني . منحه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق مع غيره من صفوة نجوم الفن والعلم في حفل عيد العلم في 18 كانون الأول "ديسمبر" 1965.
|
|
فريد الاطرش مع فهد بلان |
|
لقد كان فريد الأطرش فنانا عربيا لم يعترف بإقليمية الحدود المصطنعة ومشاعر التعصب الإقليمي ولهذا كانت سعادته كبيرة بتكريم عدد كبير من الأقطار العربية له بمنحه جنسيته لولا البنود الصريحة في لوائح الهجرة والجنسية والخاصة بقبول جنسية أخري وحمل جواز سفرها إلا بموافقة السلطات المعنية وبشرط لا يمكن لإنسان من أن يحمل أكثر من جنسية بجانب جنسيته الأصلية . لقد حمل فريد الأطرش خلال سنوات عمره أكثر من هوية عربية فهو يحمل الجنسية السورية بحكم المولد والمصرية واللبنانية بحكم الإقامة الطويلة. ولقد ظل فريد الأطرش بجانب اعتزازه بانتمائه العربي يعتز ايضاً بالفن الذي يصدر عن أحاسيس ومشاعر هذا الانتماء وعلي نحو جعله يحتفظ بشخصيته اللحنية والغنائية المتميزة طوال ما يقرب من نصف قرن من العطاء. ولقد أتيح لأعمال فريد الأطرش بسبب هذا التفرد أن تنال اهتمام عدد من الموزعين الموسيقين في الخارج ممن حفزهم هذا الطابع المتميز لألحان فريد الاطرش علي توزيع ألحان هذه الأغنيات من مقطوعات موسيقية عديدة حققت نجاحا واضحاً، وعلي نحو ما قام به الموزع الأرمني السوفياتي هاجوبيان لألحان " يا زهرة في خيالي " . " زينة ..زينة " والموزع الفرنسي فرانس بورسيل لأغنيات " يا جميل ..يا جميل " و" أنا واللي به " والموزع اليوناني دينو دانو لأغنيات " وياك ...وياك " و" يا مالكة القلب " و" نورا " وغيرها . عاش فريد الأطرش محافظاً في اتجاهاته الموسيقية والغنائية ولم يكن من أنصار منطق الطفرة أو الثورة في الت الموسيقي ، ولذلك ضمن فريد الأطرش احتفاظ ألحانه بشخصيتها وتفردها وتميزيها ، حيث لم تستهلكه التجارب ولم تبعثر جهوده تطلعات التطوير وقفزات التغيير .
|