صراع الشاورما والهمبرغر يستعر في ألمانيا
صلاح
سليمان
الوجبات السريعة في "ماكادونالدز"
و"بورغركينغ" ما زالت تحظى بإقبال الشباب وصغار السن في
المانيا، لكن "الشاورما" التركية دخلت السباق في السوق
الاستهلاكية الالمانية منذ اعوام قليلة واصبحت منافسًا
قويًّا للوجبات السريعة الاخري ليس فقط من حيث الجودة لكن
ايضًا في المذاق الشهي والسعر الزهيد. ساندويتش الشاورما
في المانيا لا يزيد سعره على الثلاثة يورو، وهو في الغالب
مكوّن من شرائح لحم الضان المشوي المضاف إليه الكثير من
التوابل والمطهو على الطريقة التركية، حيت تتراصّ طبقات
اللحم فوق بعضها على سيخ حديدي يدور حول محوره وتشوي اللحم
على نار هادئة. الاسم الشائع في المانيا للشاورما هو "الدونر
كباب" والساندويتش الواحد يكفي لإشباع فرد بالغ، لهذا
السبب تنتشر محلات ومقاصف بيع "الشاورما" في أغلب الشوارع
الالمانية حتى انها اصبحت تشكل ظاهرة خاصة او موضة
ة
للشباب، واصبح الطلب عليها لا يتوقف، كما انها اصبحت تشكل
تجارة رائجة للذين يعملون فيها.
اذًا كيف بدأت الشاورما
في غزو السوق الالمانية؟ ومن هم
ملوك هذه الصناعة في المانيا؟
الفكرة وبلد المنشأ هي تركيا، والذين يقومون بصناعتها في
المانيا هم أيضًا اتراك، ولا يستطيع احد ان ينافسهم في
اتقان هذه الصناعة حتى انهم اصبحوا يلقبون بملوك الشاورما
ليس في المانيا وحدها، إنما امتد ذلك الى كل البلدان
الاوروبية. البداية في المانيا ترجع الى العام 1983
وتحديدًا إلى عائلة "توتيجونباشي" التركية التي هاجرت من
تركيا الى فرانكفورت في سبعنيات القرن الماضي، وحاول افراد
العائلة اقامة مشروع تجاري يتمثل في متجر لبيع السلع
الغذائية. إلا ان المشروع تعرض للافلاس بسبب قلة الاقبال
عليه فباعت العائلة المتجر، وراحت تبحث عن عمل تجاري
حتى اهتدت الى فكرة توريد اللحوم المذبوحة الى محال
الجزارة الصغيرة والسوبر ماركت والمطاعم التركية المنتشرة
في المدن الالمانية. ثم تطورت الفكرة بعد نجاحها إلى امداد
المطاعم بسيخ من اللحم الجاهز للشوي ومن ثم استمر التطوير
برص شرائح اللحم لتجهيز سيخ الشاورما الذي اصبح معروفًا
بشكله الحالي، وبعد سنوات قليلة من هذا النجاح اصبحت شهرة
الشاورما في المانيا متداولة واخذت تنتقل من مدينة الى
اخرى وانطلقت الشركة في العمل بكامل طاقتها.
في مدينة ايسن الالمانية خرجت دراسة مؤخرًا عن الشاورما في
المانيا تصفها بالمعجزة الاقتصادية الحقيقية وتذكر الدراسة
ان عدد مصانع انتاج الشاورما في المانيا وصل الان الي اكثر
من 400 مصنع بعد ان كان مصنع عائلة توتيجونباشي هو المصنع
الوحيد في المانيا، كما ان مراكز البيع المسجلة وصلت الى
12 الف مكان على مستوى المانيا، اما عدد العاملين في هذه
الصناعة فقد وصل الى اكثر من 42الف شخص، وعام بعد عام
ارتفع الطلب على الشاورما واصبحت منافس قوي بل يتفوق على
محلات ماكدونالدز في المانيا، وتقدر تلك الدراسات ان
اجمالي المبيعات في العام الواحد من الشاورما التركية يصل
الي 2 مليار يورو سنويًا.
ما زالت شركة مؤسس هذه
الصناعة تعمل بكامل طاقتها ممثلة في
شركة "كارمز" التركية وهي الاكثر نجاحًا في هذه الصناعة
الآن، ويصل الانتاج اليومي من الشركة لانتاج اسياخ
الشاورما الى 20 طنًّا يوميًّا يقول احد العاملين في
الشركة عن سر التفوق ان الشاورما الجيدة هي التي لا تتعدّى
نسبة الدهون فيها 20% ويقول لهذا السبب منحت الشركة عدة
جوائز من قبل هيئات المانية كهيئة الاقتصاد الزراعي وجمعية
التسوق الالمانية.
لقد ساعد هذا النجاح اصحاب الشركة في التطوير والابتكار بل
وتوسعة الشركة حتى ان مساحتها الان اصبحت كافية لانتاج ما
بين 35 الى 40 طنًا من الشاورما في دورة العمل الواحدة،
عندئذ قامت الشركة بامداد المحلات بالكباب الجاهز والذي لا
يحتاج إلا إلى تسخينه فقط قبل تناوله. يعمل بالشركة قرابة
ال 140 عاملاً اكثر من نصفهم من تركيا، والاخرون من بلدان
مختلفة من المانيا ودول الاتحاد الاوروبي وافريقيا،
والعاملون في الشركة هم من العمال المهرة المدربون جيدًا.
إذ إنّ 70% من صناعة الشاورما ينتج يدويًا.
خطط الشركة المستقبلية هو
سعيها الى اكتساب المزيد من العملاء وألا يصبح الامر
مقتصرًا على الشباب فقط، بل يجب ان يصل ايضًا إلى كبار
السن ويعتزم مؤسسو هذه الصناعة على اقامة سلسلة من المطاعم
على مستوى اوروبا، وبذلك ستصبح منافسًا قويًا لمحلات
ماكدونالدز وبورغر كينغ وبيتزا هات.