ارتفاع ضغط الدم.. أسبابه ومضاعفاته وطرق السيطرة عليه
القاهرة: د. نائل السودة
* 95 في المائة من حالات ارتفاع ضغط الدم مجهولة السبب
* زيادة الوزن بمعدل 10 كيلوغرامات تزيد الضغط بمعدل 6 ميليمترات زئبق
* لا ينصح بتناول أكثر من 4 غرامات من الملح يوميا
«سيصيبني بالضغط» عبارة أصبحت دارجة وشائعة على ألسنة الناس، يقولها المرء عندما يتضايق من شخص ما أو من تصرفاته، وهي وان كانت صادرة ممن ليسوا أطباء إلا انها تكشف عن تأثير الضغوط الحياتية والاجتماعية في ظهور مرض ضغط الدم المرتفع، وهو أمر أثبتته الاحصائيات والعلوم الطبية.
ومرض ضغط الدم المرتفع من أمراض العصر، بمعنى انه يزداد مع الازدحام، والعمل الذهني، وقلة المشي والنشاط الرياضي أو البدني، كما انه من الأمراض التي اكتشفت علاجها الفعال بعد النصف الثاني من القرن العشرين.
الرقم الأعلى عند قياس ضغط الدم يمثل السيستول أو الانقباض، يدور حول رقم 120ملم زئبق وهذا الرقم ليس مقدساً، إذ يمكن اعتبار ضغط الدم السيستولي (الانقباضي) طبيعيا بين 120 و140 بشرط أن يكون ضغط الدم الدياستول (الانبساطي) أقل من 60 بينما نعتبر ان الضغط السيستولي على الخط الحرج بين 140 و160ثم هو ضغط دم مرتفع اذا زاد عن ذلك، وتظل الأهمية القصوى لاعتبار ضغط الدم مرتفعا لقيمة الرقم الأدنى (الدياستول) فالضغط طبيعي طالما كانت قيمته الدياستول بين 80 و85، وهو طبيعي عال عندما يتراوح بين85 و90، ثم هو ضغط دم مرتفع طفيف اذا كان بين 90 و99 ثم هو مرض ضغط الدم المرتفع المتوسط عندما يكون 100 و109 ثم يصبح ضغط دم مرتفع شديد اذا وصل الى ما هو أكثر، ما ن
أن نطمئن الناس عليه ان الخط الفاصل بين ضغط الدم الطبيعي والمرتفع ليس مقدساً ولا مطلقاً، ووصف الحالة بالمرضية فيها قدر من الصعوبة، ولكن حسب معظم الأطباء ـ يظل الضغط في حدود الطبيعي طالما هو أدنى من 90/140 لان هذا هو الرقم المحدد الذي يمكن عنده اعتبار الشخص مريضا بضغط الدم المرتفع.
* التشخيص
* يتم التشخيص بقياس الضغط بطريقة سليمة، ويفضل الاطباء القياس بجهاز الضغط الزئبقي، ويتم القياس عددا من المرات، للتأكد من ارتفاع الضغط. الضغط لا يشخص من قراءة واحدة ولا من زيارة واحدة للطبيب، لانه قد ترتفع قراءة الضغط لدى زيارة الطبيب في المرة الأولى بسبب التوتر النفسي، وتسمى هذه الحالة الضغط الأبيض White Hypertension ولذا يلزم تهدئة المريض، كما يحدث ان يزداد ضغط الرقم الأعلى الى 160 عند كبار السن دون ارتفاع الرقم الأدنى نتيجة تصلب شرايينهم وهذا عادي.
لكي تضمن لنفسك قراءة ضغط دم صحيحة، يجب ان تذهب للطبيب وأنت مرتاح نفسيا وجسديا، بل ويجب ان تتخذ بعض الاحتياطات التي لا تؤثر على القراءة السليمة لضغط الدم كأن تمتنع عن تناول الطعام أو المكيفات والقهوة والتدخين لمدة ساعتين على الأقل قبل القياس، كما يجب ان تمتنع عن الممارسة الجنسية، والمجهود الجسماني قبل قياس ضغط الدم، كما يلزم أن تفرغ المثانة من البول كذلك، وان تمتنع عن الكلام أثناء قياس الضغط، وألا تكون منفعلا، ولا متوترا، ولا متألما كذلك، فكل هذه الأمور تؤثر على القراءة الصحيحة لضغط الدم.
* نسب الاصابة
* في الولايات المتحدة الاميركية تصل نسبة الاصابة بمرض ضغط الدم المرتفع الى حوالي 20 % من السكان، وتزيد نسبة الاصابة لدى السود عن البيض بفارق حوالي 10 % وفي مصر تصل النسبة الى 26% من السكان فوق سن الخامسة والعشرين، بينما يصيب الضغط المرتفع 65 % ممن هم فوق الخامسة والستين وتزيد نسبة الرجال المصابين بالمرض عن السيدات.
تكشف الاحصائيات علاقة مرض ضغط الدم المرتفع بالبيئة، والعمل، والجنس، والظروف الاقتصادية، والتعليم، فكل من هذه العوامل، يؤثر في نسبة الاصابة بالمرض، وهذا يعني ان مرض ضغط الدم المرتفع، ليس مرضا صحيا فقط، وحسب دراسة أجراها المشروع **** المصري لارتفاع ضغط الدم كشفت ان نسبة الاصابة في القاهرة تصل الى 31 % من السكان، وتقل كلما اتجهنا جنوبا صوب الصعيد لتصل الى 28.6 %، بينما هي في المحافظات الساحلية 27.2 % وتصل في الدلتا (مناطق زراعية) الى 21.4 %، بينما نجد أدنى نسبة في الواحات التي يعمل أهلها أساسا بالرعي والزراعة وهي 19.9 % من السكان.
لا يشكو مريض الضغط في معظم الحالات من أي أعراض، ربما لسنوات عديدة، قبل أن يكتشف اصابته بمرض ضغط الدم المرتفع مصادفة، أو بعد حدوث مضاعفات في أي من القلب أو الكلى أو المخ مثلا.. ولكن وربما نتيجة لارتفاع شديد ومفاجئ في ضغط الدم قد يشكو المريض من صداع حاد، ومستمر، أو عادة شكوى الصداع لدى مرضى الضغط، فقد أثبتت الأبحاث انها لا تزيد عن شكوى الصداع لدى الافراد العاديين الذين يصابوا به لكنها تعود أساسا في مرضى ضغط الدم ـ ليس لارتفاعه ـ وإنما نتيجة مخاوفهم وقلقهم النفسي، بعد معرفتهم بالاصابة، وقد يكون نتيجة لبعض العقاقير المخفضة للضغط.
وأثبتت دراسات أجراها أطباء غربيون ان كثيرا من مرضى الضغط، عانوا في طفولتهم من قمع ذويهم، وعدم اتاحة الفرصة لهم للتعبير عن غضبهم، وآرائهم، بدعاوى مختلفة مثل أنت الكبير أو أنت العاقل أو العيب، وما شابه، مما يجعلهم يعتادون على كبت مشاعرهم وغضبهم.
* أسباب مجهولة
* يظل 95 % من أسباب ارتفاع ضغط الدم مجهولة، ويسمى هذا النوع الاساسي Essential hypertension بينما يمكن للأطباء تحديد أسباب 5 % من الحالات، وهذا النوع من الضغط المرتفع يسمى ارتفاع الضغط الثانوي Secondary hypertension، وهذه هي الحالات التي يمكن علاج كثير من أسبابها ليعود الضغط بعدها الى معدله الطبيعي.
وعلى العموم يصعب القول ان هناك سببا واحدا لارتفاع ضغط الدم، إذ أن هناك عوامل عديدة ومتشابكة تساعد في ظهور الحالة مثل الجينات وظروف البيئة وعوامل كيميائية كاضطرابات الهرمونات مثلا.
* الوراثة
* تلعب الوراثة دورا قويا في ظهور المرض لدرجة ان 80 % من المصابين لديهم تاريخ عائلي إيجابي مع هذا المرض وتزيد فرصة الاصابة بضغط الدم المرتفع كلما كان أحد الوالدين مصابا به ويعود تأثير الوراثة الى توارث اختلال في الجينات المسؤولة عن انتاج نوع خاص من البروتين الذي يضبط ضغط الدم، وكذا في انزيم يسمى الرنين تنتجه الكلى يقوم بتحويل هذا البروتين (الذي مصدره الكبد) ويسمى انجيوتنسين الى أحماض أمينية تسمى انجيوتنسين1، وانجيوتنسين2 ويؤثران مباشرة على الأوعية الدموية فتسبب انقباضها وضيقها، كما تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وكذا على الغدة فوق الكظرية التي تنتنج هرمون الالدوستيرون الذي يضبط مستوى الصوديوم (الملح) في الجسم.
ولذا فإن العديد من العقاقير الحديثة التي تستخدم في علاج ضغط الدم المرتفع تعتمد على التأثير على فعالية جهاز الانجيوتنسين، بالاقلال من انتاج مادة الانجيوتنسين أو منع وصولها الى الأوعية الدموية مما يؤدي الى خفض الضغط.
* السمنة
* وتؤثر السمنة على ارتفاع الضغط لأنه بزيادة وزن الجسم تزيد كمية الدم والسوائل في الجسم، ويزيد بالتالي الجهد الذي يبذله القلب في ضخ كميات أكثر من الدم (لذا هم أكثر عرضة للاصابة بمرض السكر) نتيجة لارتفاع نسبة السكر في الدم، وهذا يؤدي الى زيادة مستوى الانسولين في الدم للحد من هذا الارتفاع، وهذا الهرمون ـ الانسولين ـ يعمل على تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي ويؤدي الى حجز الملح في الجسم، كما يعمل على تضييق الأوعية الدموية، وهذا كله يرفع ضغط الدم، إن زيادة 10كجم في الوزن تؤدي الى زيادة الضغط بمعدل 6 ملم/زئبق.
* الملح
* لاحظ العلماء ندرة حدوث الضغط المرتفع لدى القبائل التي تسكن في مناطق لا تستخدم الملح في طعامها مثل منطقة الامازون في البرازيل، بينما يرتفع في الاماكن التي تكثر في استخدام الملح والمخللات، كما لاحظوا ان هناك افرادا ترتفع نسبة ضغطهم بسرعة بزيادة كمية الملح التي يتناولونها، وينخفض الضغط بسرعة عند الاقلال منه، كما أوضحت الدراسات انه كلما ازداد المرء في العمر كلما ازداد الأثر السلبي للملح على صحته عموما.
* الكلى
* وظيفة الكلى الأساسية هي تنقية الدم من مخلفات التمثيل الغذائي مثل الماء والأملاح والبولينا والكرياتينين وحمض البوليك، فاذا ما اضطربت وظيفة الكلى لأي سبب ولم تستطع الخلاص منهما، واختزنتهما أدى ذلك لارتفاع ضغط الدم، وتضطرب وظيفة الكلى نتيجة التهابات أو نتيجة تأثير مرض السكر عليها، وكذا نتيجة تضخمها أو وجود أورام بها، أو وجود حصوات في حوض الكلى يمنع تسرب المخلفات في الحالب كبول، وعند ظهور مرض الضغط المرتفع في الشباب عند سن العشرين فإن أول ما يتجه اليه نظر الطبيب من أسباب هو ضيق خلقي في الشريان الكلوي الذي يغذي الكلية بالدم لكي تقوم بعملها، وهذه الحالة تسبب تدهورا في وظائف الكلى، وارتفاع الضغط عموما في السن المبكر يعود لبعض العيوب الخلقية الأخرى مثل ضمور الكلى أو وجود حويصلات بها.
* تصلب الشرايين والكوليسترول
* مع ازدياد عمر الشخص، فإن الشرايين تفقد مرونتها، نتيجة تراكم الدهون على جذرها مما يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم وخاصة فوق سن الخمسين، إن ضيق الشرايين يزيد من صعوبة مرور الدم فيها سواء من القلب أو إليه. يزيد ارتفاع الضغط مع ارتفاع نسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة في الدم، بينما يقل الضغط فعلا مع ارتفاع نسبة الكوليسترول الحميد (عالي الكثافة) وكل 1 ميلغرام/ ديسيلتر من الكوليسترول الحميد يخفض الضغط بنسبة 3-2 %.
كما توجد ادوية ترفع الضغط وأشهرها
وب منع الحمل، والكورتيزونات، وكذا مضادات الالتهاب الروماتيزمي وبعض الأدوية التي تستخدم في علاج نزلات البرد، والزكام التي تعتمد آلية عملها على انقباض الأوعية الدموية لمنع الرشح، وكذا الادرينالين والنورادينالين اللذين يستخدما كعلاج للحساسية.
* العلاج
* العقاقير الحديثة التي تستخدم في علاج الضغط هي موسعات للأوعية الدموية أو مدرات للبول، أو مضادات للنشاط العصبي، أو مضادات لانزيم الانجيوتنسين، وكذا مضادات الكالسيوم.
1 ـ الغذاء المثالي يحدث الغذاء الذي يتناوله المريض أثره في خفض الضغط المرتفع، وهناك نصائح عدة أجمع عليها الاطباء للوقاية والعلاج من مرض ضغط الدم المرتفع وهي:
ـ الاعتماد على الفواكه والخضروات والألبان والمصادر الطبيعية في الغذاء بديلا عن الوجبات الجاهزة والمعلبات.
ـ الاعتماد في الطعام على زيوت لا تسبب زيادة في نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة مثل زيت الذرة وعباد الشمس والزيتون.
ـ الاقلال من تناول النشويات والسكر والدهون.
وقد أثبتت الدراسات ان 30 % ممن يصابون بحالات ضغط الدم المرتفع هم من يعانون من السمنة، ثم ان انقاص الوزن يقلل نسبة السوائل، ونسبة الادرينالين وينظم عمل الانسولين، ان انقاص 5 كجم من الوزن يساعد في خفض الضغط بمقدار 3 مم/ زئبق.
2 ـ 4 ميلجرام من الملح فقط قبل 70 سنة اكتشف العالم كبنر ان خفض كمية الملح في طعام الانسان يؤدي الى انخفاض الضغط المرتفع، وتؤكد دراسات حديثة ان 2.5 مجم ملح زيادة عن المعدل الطبيعي تؤدي الى ارتفاع الضغط بمعدل 7 إلى 10 مم/ زئبق، وينصح العلماء الافراد ألا تزيد كمية الملح في الطعام عن 4 الى 6 جم ملح يوميا.
3 ـ الرياضة ممارسة الرياضة وبذل المجهود العضلي الذي يؤدي الى التعب يساعد في خفض الكوليسترول وفي تثبيط الجهاز العصبي السمبتاوي.
4 ـ الاسترخاء الاسترخاء وإزالة التوتر والبعد عن العصبية والانفعال يساعد كذلك في خفض الضغط المرتفع لتأثيرها على الجهاز العصبي.
5 ـ كما ينصح الاطباء بالابتعاد عن التدخين والقهوة والكحول لانها ترفع الضغط الطبيعي.