هذه القصيدة للشاعرة الكرديةماه شرف خان كردستاني مترجمة للغة العربية
--------------------------------------------------------------------------------
ترجمها : حميد كشكولي
أصداء الفتنة
يا مَنْ يسطع اسمُه في الدواوين،
وتزين
تُه العناوين،
أنا وحدي مفتونة بعينيك السوداوين الثملتين،
نرجستي الفتنة لقلوب أنهكها الهيام.
ملأتْ أصداءُ بهائكَ الدنيا،
قبل أن يتلوّى أنيَنُ شجني النزقُ كنواح الصبيان في الرياض.
دورق النبيذ
لو كشفتَ لنا جمال
تك يوماً،
لهوى الجميع، فقراء كانوا، أم أغنياء، على تربة دربك.
عجز "ماني" عن رسمك،
فإنه رسام البشر ، لا الملائكة ،
و أنت أسمى مما أقول،
قامتك سرو، ومحيّاك نبع الحُسن،
كيف لي ألاَّ أدعوك شمس العشق، ولا أصفك بالبدر والورد،
وقمر بهائك يبزّ
ة شيرين وليلى .
تغزو بأهداب عينيك ممالك القلوب.
يئن العالم من اضطرابي،
تنهب فتنتكَ قوتي، تغرقني في شرابك الدموي،
فلو جاءتنا ريحُ الصبا بأنسام من أنفاسك لأخذتْ أنيني،
ولشمختْ قامتي كالسرو في بستان السرور.
فيا لحسرتي!
بقيتُ مستورة، ومشهورة مثل كنز قارون،
و كأنين الناي أنوح،
أنزُّ كدورق النبيذ الدموع.
سجينُ الغمّازةِ
بنظرة من عينيك، نهبتَ قلوبنا،
أيّ ظلم هذا، إن لم تصن العهد أيها الوثن؟
لا أنوح من جورك، ففي دين ال
كذّاب من لا يطيق عذاب الجفاء
إن من لا يذيبه الهوى ليس بآدمي، بل مثال للصوان
لقد حيرتني وأذهلتني بوجهك وشعرك،
وحين ترفُّ عيناك أضيّع قدمي، أتيه في دربي.
بالله عليك، هلاَّ رويتنا بشربة من ثغرك،
فحررتَ القلبَ من سجن غمازتك،
أقسم بوفائك
إني أشتري بالروح القبلَ من عقيق شفتيك، إن بعتَ لمحة من
تك.
البدر يكسب الضياء من طلعتك،
إياكِ يا"مستورة" أن تخطئي بين عبير ضفيرة ال
يب ورائحة مسك "خطا".
فضةُ الشمسِ
يا من ثغره يسيل شهداً، وقامته تلوّح ب
ة من فضة الشمس!
لا تحمّلنا بالله المزيد من الآلام،
ففي مملكة فؤادي المتيّم، تستبدُّ أناملك بنا،
تنسمتْ ريح الصبا من طرّتك ، طاردتْ رائحة مسك "خطا"،
"مستورة" ممتنة وراضية الآن،
فأنت جالس في أريكتها،
ولا تجرأ ريح الصبا من الهبوب علينا،
العاشق يسير في درب الآلام دوماً لئلا يفقد ال
يب،
لم تعد "مستورة" تعرف أطرافها لشدة الحيرة والذهول،
حذار! من آهات المظلومين أن يحرقواٍ الآفاق بشعلة،
تلك اليد لم يخضبها لون، بل جرحي الرعاف يغمسها في الحناء،
المعلم الجاهل لأصول الوفاء لم يعلّم سوى سبل الغدر والظلم،
فـ"مستورة" ما عادت تعرف أطرافها لشدة حيرتها وذهولها.
هذه الليلة
تضيء منازل قلبي من نور تجليك، هذه الليلة،
تبتهج الملائكة في وميض مائدتي، هذه الليلة،
قلبي أسير أشجان ترتوي من وجنتيك، و
تك ومحيّاك،
تفي بوعودك للنرجس والزنبق مثل الحور، هذه الليلة،
خصلة من شعر رأسك تستحيل إكليلاً،
فالدنيا مليئة بالمسك والبخور، هذه الليلة،
مفعمة راحتي بالذهب المنثور احتفاء بك،
فشمسك تشرق على ربوع روحي، هذه الليلة.
سبحان الله،
ففي أشعة
تك، ألمح خرائب قلبي تثير حسد مضيق القرية،
هذه الليلة،
لحظة اقبالك، تناثرتِ الفضةُ والذهبُ بابتهاج ،
وتبركتُ بها، فقلبي يحضن الشمس، هذه الليلة،
صدقوني،
فأنا أذوب في راحتَي
يبي، هذه الليلة،
إيهٍ، مستورة! ماذا تبغين أكثر،
لقد نلتِ الوصالَ،
فال
يب في أحضانكِ، هذه الليلة.
ولكن، لِمَ ينتاب الروضَ الحسدُ الدامي من فستانكِ ،
هذه الليلة؟
أسيرة في لمحات عينيك
أنا أسيرة لمحات عينيك الناعستين،
جريحة وخز الأهداب،
تكبلني خصلات شعر رأسك،
توقِع قلبي في سجن أخدود الوجنتين،
ها، قد قَدِم العشاق لأداء فروض العشق،
وأنا آتية، ليقدموني لكَ في مذبح ال
قرباناً،
ليس لي سوى الشكر لك والامتنان، إن متُّ بسيفك البتار،
وإن فصّلوا لي كفناً بشعاع خصلاتك المضطربة،
أنت المخير، أسامحك، عذراً من قتلي إن تفقدتَ ثراي،
وحشرتني في يوم الجمعة مع شهدائك،
فلاعذاب يوم الحشر لمن يحترق في نار هجرانك،
جعلت من تربة عتبة بيتك محرابي،
والشامتون يبغون موتاً دون وصالي،
فديتُ وعودك،
فإن أخبار وفائك قد طبقت الآفاق،
فأين غدتْ لي تجلّياتُ عهودك؟
لقد غدوتُ في ملكوت الهيام درّة يتيمة،
العشاق اليوم آتون لأداء فروض العشق عند عرش ملكوتك،
فهيا يا "مستورة"،
هبي إلى تقديم الشكر لملك الانصاف،
فقد فاض نور شمس محيّا الأمير على أيوان قصرك.
لوحة قلبي
أتلك
تك، أم البدر في صدر سمائي؟
أذاك قدك، أم السرو في بستاني؟
لايعتمر البدر طاقية،
إنها هالة وجهك تكتنف القمر،
ينخر الخجلُ السروَ، حين يرنو إلى قامتك،
والربيع يتوج رؤوساً بتيجان ال
،
ليغدو العشاق زهوراً في المروج والرياض،
كفى يا شيخي وصف الفراديس،
فرؤياي تغنيني عن جنانك،
ويا روحي! لأجلك لاأخشى على روحي،
فقلبي لوحة لتلقي نبال عينيك،
دعني أتمسح بثرى قدومك،
فما أسعد من يموت في هيامك،
فيا "مستورة"! ناوليني شفاه ال
يب،
لتنعمي بشهد الحياة وإكسير الخلود.
أتى الربيع
أتى الربيع يا خسرو، أتى الربيع! أنا ضريرة من كثرة غيابك، يا خسرو،
ها أتى الربيع، وقد توجتِ المروج بالورود والريحان،
ما أشد ألم هذا الوداع!
أما تسمع قبقبة الحجل في القمم،
وقد اتشحت المروج والرياض بأجمل أزياء،
تزقزق الجداول نشوانة في خريرها،
تغني العنادل أغاني الشجن،
وافترشت السهوب أزهاراً،
البلابل ثملة بخمر عشق الورد،
تضحك الأقاحي في البساتين نشوانة،
تحنو عيون النرجس الخمرية على الربيع،
تتمايل الأعشاب في رقصها مع النسيم، وتغوي القلوب،
لكنَّ غيابك غيّب الربيع، يا خسرو!
ما أضيع دنياي!
بعدك من يدلني،
من يخرجني من غياهب العذاب،
فدونكَ العمى والموت يا خسرو!
أنين مستورة ماذا دهاك يا روحي الغالية!
نفتقد اليوم منك الرفق واللطف،
فما ذنبي يا نور عيني، قل لي!
ليس هذا بإنصاف منك، أن تجافيني دون بادرة شر مني،
هل الموت يكون الملتقى؟
تفور الدماء من عيوني متدفقة،
هلاّ أتيتني زائراً على حوافيَ هذا الحوض والينبوع ،
عرفتُ الآن لِمَ عيونك عسلية،
و شفاهك حمراء قانية،
نار
ك، هيّجتْ قلبي،
ينتابني الجنون،
أهيم في دنياي ،
أذاك أنين "مستورة" يزلزل الأرض تحت أقدام الناس،
أم أنه يوم الحشر،
و يتناهى إلى الأسماع صراخ المذنبين من العذاب الأليم؟
رسالتكِ داوتْ جراحي
رداً على رسالة صديقة لها :
كنتُ اليوم مريضة،
رسالتك نفختْ فيَّ الروح من
،
هجعت في نفحاتها،
همدت في نسيمها.
فقمت وركعت ساجدة لرسالتك،
داوت جراحي،
قسماً بالله وبالمقدسات وبالنجوم وبنور محمد وبروح ابني البدر،
إنها أشفتني من المرض،
فاضتْ علي أنوارُ السعادة،
ليس لي إلا أنوار كرمك،
أرد بها على نفحات نورك،
هنيئاً لك العز يا أعز الناس،
وأحلى من العسل.
فتح الله حسيني:قصائد تأبى أي عنوان للشاعر جلال زنكابادي
طيلة مسيرته الإبداعية الطويلة والغنية كان الشاعر الكردي العراقي جلال زنكابادي شاعراً حراً في كل شئ، في الكتابة وفي العزلة وفي هلوياه، وفي أثقال كلماته، وفي أروقة قصائده، هذا ما يترأى للقارئ الاول لمجموعته ال
ة الصادرة للتو تحت عنوان "قصائد تأبى أي عنوان" والتي يحاول فيها الشاعر جلال زنكابادي، التربص بالكلمة الجميلة والرصينة وربمكا المنسية، كتربصه بطريدة فريدة ونادرة وغير مألوفةة، تماماً كتربصه بجندي قد يغار على مملكته الحزينة وهو في خندقه العلني لا السري، لانه شاعر، وكلمة شاعر اكثر وضوحاً من كلمات أخرى.
يفضفض الشاعر زنكابادي في مجموعته هذه عن، ويسرد أهوال لغزه، وطقوس لا مرئياته، ومجاهره وكواكبه واستلطافاته وطوافينه وبراكينه وزلازله، لأنه وإن كان، ردحاً، منسياً، فهذا لأنه شاعر، شاعر يذكرني باولئك الذين كتبوا طويلاً بصمت، ومارسوا شغبهم وفوضاهم بصمت أيضاً، وركنوا الى ركن هادئ في مقهى أو نادي او مطعم بصمت من نوع آخر، الى أن كانت دوي كتاباتهم في خصوصية كتبهم ونتاجاتهم، تماماً، كأنني الآن إزاء هذه المجموعة، حيث يكتب الشاعر زنكابادي:
وا لُغزاه، ما أصغركِ!، أيتها اللامرئية حتى بالمجهر، ويلاه، ما أمحقَك، ربما تبيدين حتى كوكبي، بأعتى الزلال، البراكين والطوافين، آه كم، أستلطفك وأستألفك، ألم تستضفك، قصائدي، أغنياتي ولوحاتي؟ ألم تشد لك، أشجاري،أسماكي ويماماتي:
-حنانيك،رفقاً، بهيدروسفيري، جيوسفيري وأتموسفيري، لا تكفني، بإشعاعك مستقبلي، يا لغزَ مصيري..
هكذا هو زنكابادي الذي عرفته منذ توليه سكرتير تحرير مجلة "القافلة" الفصلية التي كانت تصدرها وزارة الثقافة في حكومة إقليم كردستان في منتصف التسعينيات، ثم لأقرأ له متفرقات من القصائد الطويلة في الصحف المتناثرة هنا وهناك، لأكون، راهناً، أمام محجموع مجموعة كاملة من قصائده التي تثير في القارئ حفيظة الجنوح نحو القراءة، حنيناً، ربما الى ديمومة القصيدة التي ربما بتنا نتنحى عنها بعد رحيل خليل حاوي ورياض صالح الحسين، لنكون، قبل ذلك وفيما بعد أيضاً، امام حالات كبيرة استثنائية في الشعر العربي مثل حالة أدونيس ومحمود درويش وسليم بركات ونزيه أبو عفش والسياب والماغوط ويوسف الخال وأنسي الحاج، ثم لنكون، بالتالي أمام حالات كنا قد تناسيناه عنوة، ولكن لا إراديا بكل تأكيد، تماما كما في حالة الشاعر جلال زنكابادي.
يكتب زنكابادي قصيدته على جمر حارقة، لذا تراه قلقاً كقلق شجر على مصير قطعه، وتراه متاملاً ووحيداً كانه يقول ويتمتم لنفسه، لماذا كل هذا الصخب؟ فالحياة جمالها في هدوءها:
يقول في إحدى قصائده "هكذا، ربما، رووا، أيام تكلمت الأحجار، في غيهب منساي، راوية لي، كنت رهينة شموس عمياء وأقمار صلعاء، وراء أقسى قضبان الزنازين اللامرئية، تخاصرني بضع أياد نائحة، بينما يسوّطني، غيث صمتك المجذوب يا منيتي..
وتطل منيته عظمى، ولا يسعه الا اللوذ بقصيدة أيمى، لتحلق هي، بعد وجبة رقص، لتكون النتيجة "ما أحلاك أيتها الأمر من المرارة.
تحلينا قصائد مجموعة "قصائد تأبى اي عنوان" في قصائدها الطويلة، والمتعددة الأشكال والترتيبت الى روح التجريب المتجدد لدى الشاعر زنكابادي، لأننا نكون في جميع الحالات، منتمين الى القصيدة بذاتها وروحها وموضوعها، ليخاطبه النفري: يا أغرب الغرباء، يا من حيرتني حتى تبلبلت حتى مرآتي، فوجهك لا يعرف وجهك في وجهي، فلا تبصق في عيني، بل إصفع خديك على التوالي يا حائر الحيارى.
قصيدة زنكابادي قصيدة بسيطة ومعقدة في آن واحد، لأنها تهتم بشؤون الحياة، ولأنها تعلمنا ماهية روح الحياة وجمالها قبل الوصول الى وساخة العالم من حولنا.
والى اللقاء مع المزيد من تراث وفلكلور الشعب الكردي